مع بداية فترة التريودي فترة التحضر للصيام، تضع الكنيسة امامنا انجيل الفريسي والعشار لتقول لنا: قبل ان تسير في هذه الرحلة الفصحية في أي إطار تضع نفسك؟ بمن تقارن ذاتك؟ مثلا اذا كنت في طريق وهنالك الذي يسير وآخر يركب دراجة وآخر سيارة وآخر طيارة. السؤال كيف ترى نفسك اتسير بسرعة أم ببطء؟ اذا كنت راكب دراجة ونظرت حولك ترى الناس الذين يسيرون وهم ابطأء منك فتقول: "انا لست مثل هؤلاء". أما اذا نظرت الى الأمام، ترى السيارة التي تسبقك فتقول اني بطيئ، واذا قارنت نفسك الى الطيارة، تقول بالكاد انا اتحرك. وهذ ما جرى مع الفريسي والعشار. الفريسي كراكب دراجة نظر الى من حوله والى الورأ فرأ أنه أفضل منهم فقال "لست كباقي الناس ولا ذاك العشار". ولكن بالنظر الى الأمام نرى السيارات وهم لنا مثل القديسين فنقول إنهم قديسون، في حين يقول كل هم عن نفسه: إني خاطئ. وبصدق يقولون ذلك لأنهم ينظرون الى المسيح ينظرون الى الله ويرون مدى الطريق البعيدة ليصلوا الى الكمال، وحتى آخر حياتهم يبكون على خطاياهم قائلين "اللهم اغفر لي أنا الخاطئ وارحمني".
واليوم الكنيسة في مثل الأب الرحيم والابنين العاقين تقول لنا: ان الله يحترم ارادتنا حتى ولو خطئنا واعتبرناه ميتا. ولكنه لا يبخل علينا عند عودتنا. ولكن من عليه القيام بالعودة وتغير مسيرة حياته هو نحن.
الابن الأصغر، تسميه الكنيسة " الإبن الشاطر". للكلمة شطر أصلان، يدل أحدهما على نصف الشيء". الابن الاصغر أخذ ما يستحق أي ثلث الميراث (شطره)، فهو شاطر الميراث. " وأما الأصل الآخر: فالشطير البعيد... ومنه قولهم: شَطَر فلانٌ على أهله، إذا تركهم مخالِفًا، و" الشاطرُ: أيضا الخبيث الفاجر. والشاطرُ عند الصُّوفية: السابق المسرع إِلى الله ". الابن الاصغر في المثل، هو الابن الشاطر بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني، فهو خبيث، بعد عن أهله، وفجر وعاد الى الله.
الميراث والعلاقة مع الابناء: بحسب التوراة هنالك قوانين توضح حق كل ولد في الميراث " فيعطي البكر سهمين من كل ما يوجد له، فإنه أول رجولته، وله حق البكرية"( تثنية 21 17). أي يحق للإبن الأصغر ثلث الميراث فقط.
الإبن الأكبر: حصل على أمواله من الميراث، لأن الأب في بداية المثل "قسم بينهما أمواله" بقي على ما يظهر القسم الغير المتنقل من الورثة كالأرض والحيوانات. أي ان الابن الأكبر قد أخذ ثلتي المال المتنقل، وقد أمر الأب "اذبحوا العجل المسمن". لأنه سيدعو الجميع للتصالح مع إبنه الذي ابتعد عن اهل بيته وعشيرته. أما الأكبر فغاضب بسبب حصول الأبن الفاجر على هذه المعاملة الحسنة من الوالد. فلا يدخل ليشارك في الاحتفال. أما موقف الأب: عندما علِم أن ابنه في خارج البيت، ترك الاحتفال وخرج الى المكان الموجود فيه ابنه الأكبر. فيكتشف أن ابنه ليس مجرد غاضب من أخيه، بل غاضبًا أيضًا على أبيه لأن، بالنسبة له، الاختلاف في المعاملة هو دلالة على أن الأب غير عادل.
ماذا يفعل الأب؟" يتضرع" الى ابنه الأكبر ويُعلِمه بثلاثة أمور:
1. "انت معي في كل حين". أي أن الابن الاكبر لم يفقد مكانته في العائلة
2. "كل ما لي هو لك" أي الابن الأكبر سيحصل كل ما تبقى من الميراث.
3. "ينبغي ان نتنعم ونفرح لأن أخاك هذا كان ميتا فعاش". الابن الاكبر استعمل كلمة "ابنك "، في حين ان الاب استعمل كلمة " اخوك هذا"
في النهاية أبقى السيّد المسيح النهاية مفتوحة. كأني به يقول: " أنتم قرروا، ماذا سيكون موقفكم من أخيكم الانسان الخاطئ."
Comments