بالصليب تتحول المرارة إلى حلاوة. وهذا ما يحدث بحياتنا، الضيقات والمحن والمشاكل والصعاب التي تواجهنا وتحوِّل حياتنا إلى مرارة، تجعلنا في ضيق أخر غير الضيق نفسه. لكن سر الصليب هو القوة الفائقة التي تحول كل مرارة الى حلاوة وعذوبة. نعم يتحول الحزن إلى فرح واليأس إلى رجاء والموت إلى حياة. كل هذا لو نحن اكتشفنا سر الصليب، وأخذنا الصليب ووضعناه في الماء المر، أي الضيقة التي نحن نجتازها فتتحول إلى حلاوة وعذوبة. تلك الحلاوة أشبه بالنور الذي يبدد الظلام، وبالحب الذي يزيل الكراهية، وبالشفاء الذي يحل محل المرض. سر الصليب ليس بعيدًا عنا، بل هو في أعماقنا لو نحن انتبهنا إليه. وما الضيقات التي نجتازها إلا مفتاح الدخزل في سر الصليب.
إن المرارة التي نواجهها هي دعوة للشركة مع سر الصليب. لكن لو لم نتلامس مع سر الصليب فإننا ندخل في دوامة الحزن المفرط الذي يًنشىء موتًا ويأسًا وضيقًا لا يحتمل. إن سر الصليب هو طرح كل آلامنا وكل ضيقاتنا وكل أحزاننا وأجاعنا على صليب الرب. إن آلام الرب تستوعب آلامنا وتبتلعها فيأخذ آلامنا لتصير آلام الرب، ويعطينا أفراحه لتصير أفراحنا. وهكذا فإن سر الصليب هو امتلاك الرب لآلامنا وامتلاكنا نحن لأفراح الرب. لهذا فإن القديس بولس الرسول حين تحدث عن الآلام قال إنها " آلام المسيح" وحين تحدث عن التعزية قال " تكثر تعزيتنا" وهكذا فإن حياتنا وآلامنا تصير شاهدة لصليب الرب. لهذا يقول الرسول يعقوب " إحسبوه كل فرح يا إخوتي حين تقعون في تجارب متنوعة"( يع 1:1)
وهذا ما كان مع بولس وسيلا في السجن حين كانا في فرح وتسبيح وشركة مع الله حولت المرارة إلى فرح وتهليل وصلاة " فوضعوا عليهما ضربات كثيرة وألقوهما في السجن... وضبط أرجلهما في المقطرة. ونحو نصف الليل كان بولس وسيلا يصليان ويسبحان الله والمسجونون يسمعونهما" (أع 16: 24 -25)
صلاة:
يا رب إن المرارة التي في الضيق، لا احتملها لأنه فوق احتمالي. لا أستطيع أن أشرب الماء المر. لكن امنحني أن أختبر سر الشجرة التي القاها موسى في البئر فتحول الماء المر إلى عذب يا رب إن صليبك وآلامك هما اللذان يحولان مرارة الضيق الذي في قلبي إلى حلاوة العشرة معك. إني محتاج إليك يا رب، فأرشدني إلى صليبك حتى أتقدس في جروحك، وأحمل صليبك الذي يحول كل مرارة إلى فرح وعذوبة.
أعطني يا رب أن أذوق حلاوتك التي تمتص مرارة الألم التي فيّ
Comments