للقديس يوحنا المعمدان، صوت الحق، أعياد كثيرة في كنيستنا فنحتفل بتذكار الحبل به في 23 أيلول وبتذكار ميلاده في 14 نيسان، وتذكار استشهاده بقطع رأسه في 29 آب، وتذكار اكتشاف هامته في 24 شباط. اما المحفل المقدس ليوحنا المعمدان هو في 7 كانون الثاني، اليوم بعد عيد الظهور الإلهي. والكنيسة تعبر عن عظمة القديس يوحنا بطروباريته " تذكارُ الصِّديقِ بالمديح. أَما أَنتَ أَيُّها السَّابقُ فحسبُكَ شهادةُ الرب. فقد ظهرتَ حقًّا أَشرفَ من الأنبياءِ أَنفسِهم. إذ أُهِّلْتَ أَن تُعَمِّدَ في المجاري مَن بَشَّروا به. لذلك ناضلتَ عن الحقّ، وبشَّرتَ مسرورًا الذينَ في الجحيمِ أيضًا بالإلهِ الذي ظهرَ بالجسد، ورفعَ خطيئةَ العالم، ومنحَنا عظيمَ الرحمة"
لقد قال الملاك جبرائيل عن الصبي يوحنا لزكريا الشيخ والده: "ويرد كثيرين من بني اسرائيل إلى الرّب إلههم. ويتقدّم أمامه بروح ايليا وقوّته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار لكيّ يهيئ للرب شعبا مستعدا" (لوقا16:1-17). وتنبأ زكريّا ابيه بعد أن حل الله رباط لسانه فور ولادة يوحنا، وتدوين اسمه على لوحٍ: "وأنت أيّها الصبي نبي العلي تدعى لأنّك تتقدّم أمام وجه الرّب لتعد طرقه" ( لوقا 76:1). واضحٌ أنّ النبي يوحنا يسير ليعلن رسالة نبويّة إلهيّة مسيانيّة. إنّها رسالة استلمها من السماء للبشريّة التي أضاعت غالبيّتها هويّتها الحقيقيّة.
من ألقابه:
خاتمة أنبياء العهد القديم: هو آخر نبيّ أعلن مجيء الرّب يسوع فكان وسيطًا بين العهدين القديم والجديد.
السابق: كلمة سابق تعني الذي يأتي قبله: هذه هي قداسته أنّه اعتبر نفسه لا شيء أمام إلهه. "وكان يكرز قائلاً: « يأتي بعدي من هو أقوى منّي الذي لست أهلاً أن أنحني وأحلّ سيور حذائه. أنّا عمدتكم بالماء وأمّا هو فسيعمّدكم بالروح القدس». (مرقس 6:1)
الصابغ: كلمة الصابغ مشتقّة من فعل صبغ وهذا يعني التغطيس الكامل من أجل محو ما هو قديم وأخذ حلّةً جديدة. ولهذا الفعل معنى لاهوتيٍ كبير جدًا في المسيحية فهو يشير إلى موت وقيامة يسوع.
إن جواب يسوع لابني زبدة بشأن طلبهما الجلوس عن يمينه وعن يساره، هو خير جواب لكلمة اصطباغ ويعطي المعنى الكامل والحقيقي لفعل صبغ وكلمة " الصابغ": «لستما تعلمان ما تطلبان. أتستطيعان أن تشربا الكأس التي سوف أشربها أنا وأن تصطبغا بالصبغة التي أصطبغ بها أنا؟» قالا له: نستطيع. فقال لهما: «أمّا كأسي فتشربانها وبالصبغة التي أصطبغ بها أنا تصطبغان. " (متى:22:20). فعل " صبغ " باللغة اليونانيّة βαπτίζω Baptízō وترجم إلى اللغة الإنكليزية To Baptize. وإذا امعنا النظر لوجدنا ما يلي:"هو سيعمّدكم بالروح القدس ونار" (مت 11:3). النار هي حارقة الخطايا وأيضًا هي قوّةً. فعمادة الرّب لا تعادلها أي معمودية أخرى.
الكنيسة تقدم المعمدان كنموذج للحياة المسيحية، في العيش من أجل الحق، يوحنا المعمدان نموذج يمكن أن يستفيد الجميع منه ونأخذ منه فضائل كثيرة، منها إعداد الشعب لاستقبال السيد المسيح، الشهادة الأساسية على مجيئ المسيح، كما قدَّم لنا مثالا قويا للتلميذ الأمين الزاهد فى السلطة، وفي تكوينه الشخصي فحياته في البرية قد أعطته الزهد بحيث لا تمسك به السلطة، فكان يوحنا يعلم حدوده جيدا وهي ما تسمى فضيلة الالتزام وفى المفهوم المسيحى نعرف ثلاثة أعداء للإنسان هم إغراءات العالم والشيطان، وذات الإنسان فقد يترك الإنسان كل ماله لكنه لا يترك ميوله فتتحكم فيه ذاته.
اننا نعيش في برية، فلنطلب من القديس يوحنا المعمدان: تشفع فينا لكي نصرخ بصدق: "أعدوا طريق الرب"، ونعمل على إعداد الشعب لاستقبال المسيح. ونشهد له بأعمالنا وزهدنا. ونقول كلمة الحق بمحبة.
Comments