مريم المجدلية شاهدة على القيامة
لقد ولدت القديسة مريم المجدليّة في بلدة مجدلة، لذلك لقبت "بالمجدليّة". تقع بلدة مجدلة غرب بحيرة طبريا عند المدخل الجنوبي لسهل جنيسارت، قرب التقاء شارع 807 مع شارع 90. تُلقّب أيضًا بـ"المعادلة الرسل" وذلك لشجاعتها وتبشيرها بالرّب يسوع المسيح القائم من بين الأموات.
ذُكرت مريم المجدليّة في الكتاب المقدس أربعة عشرة مرة، في ثماني مرات منها ذكرت متصلة بأسماء النساء اللواتي كن يخدمن السيد المسيح. تبعت المجدليّة ربنا يسوع المسيح، كل أيام حياته على الأرض. كانت ممن تبعوه في رحلته الأخيرة من الجليل إلى أورشليم، لم تتركه في المحاكمة، ولا عند دار الولاية ولا عند الصلب، ولا عند تنزيله عن الصليب ولفه بالكفن - فهي من النسوة الحاملات الطيب. فذُكرت خمس مرات مرتبطة بصلب وقيامة يسوع.
يقول قداسة البابا فرنسيس " ان تأمّلنا سنلتقي اليوم بتلك التي، وفقًا للأناجيل، كانت أولى من رأوا يسوع القائم: مريم المجدليّة. كانت قد انتهت للتو راحة السبت. ففي يوم الآلام لم يكن هناك وقت لإكمال طقوس التكفين؛ لهذا، ذهبنَ النساء في ذاك الفجر المحفوف بالحزن إلى قبر يسوع ومعهنّ الطيب المعطّر. وكانت هي أولى من وصلنَ: مريم المجدليّة، إحدى التلميذات اللواتي رافقنَّ يسوع منذ الجليل، واضعات أنفسهنّ في خدمة الكنيسة الناشئة. إن طريقها إلى القبر يعكس ولاء العديد من النساء اللواتي كرسنَّ سنوات من حياتهنَّ لزيارة المقابر، لتذكّر شخص عزيز قد رحل. إن الروابط الأصيلة لا تنقطع حتى بالموت: هناك من يستمرّ في محبّته، حتى ولو كان الشخص الذي يحبّه قد رحل للأبد
يصف لنا الإنجيل (يو 20، 1 – 2؛ 11 – 18) المجدليّة مشيرًا مباشرة إلى أنها لم تكن امرأة تتحمّس بسهولة. في الواقع، بعد الزيارة الأولى إلى القبر، عادت بخيبة أمل إلى المكان الذي كان التلاميذ مختبئين فيه؛ أخبرتهم بأن الحجر قد دُحرِج عن باب القبر، وكان تفسيرها الأول هو التفسير الأبسط الذي يمكن إعطاءه: لقد سَرقَ شخص ما جسد يسوع. وبالتالي فالإعلان الأوّل الذي حملته مريم المجدلية لم يكن إعلان للقيامة، إنما لسرقةٍ قام بها مجهولون، فيما كانت كل أورشليم نائمة.
ثم تخبر الأناجيل عن ذهاب المجدلية الثاني إلى قبر يسوع. في هذه المرّة كانت خطواتها بطيئة، وثقيلة جدًّا. فقد كانت المجدلية تعاني مضاعفًا: أوّلا، وقبل كلّ شيء، بسبب موت يسوع، وثانيًا بسبب الاختفاء غير المبرّر لجسده. لقد كانت عنيدة، ذهبت ثم عادت مرّة ثانية… لأنها لم تقتنع. وبينما كانت منحنية بالقرب من القبر، وعيناها ملئ بالدموع، يفاجئها الله بشكل غير متوقّع. ويشير الإنجيلي يوحنا إلى مدى استمرار عماها: فهي لم تلاحظ وجود ملاكين يستجوبانها، ولم تشكّ حتى عندما رأت رجلًا خلفها، بل ظنّت أنه البستاني. غير أنها اكتشفت الحدث الأكثر إدهاشًا في تاريخ البشريّة عندما دعاها أخيرًا باسمها: “مريم!”
يسوع يدعوها: “مريم “: إن ثورة حياتها، الثورة التي يجب أن تغيّر وجود كلّ رجل وامرأة، تبدأ باسم يتردّد صداه في حديقة القبر الفارغ. وتصف لنا الأناجيل مدى سعادة مريم: لأن فرح قيامة يسوع ليس فرح يُعطى بالقطّارة، بل إنّه كالشلّال يغمر الحياة بكاملها. إن الحياة المسيحيّة ليست مكسوّة بسعادة خجلة، إنما بفيض يجرف معه كلّ شيء. حاولوا أنتم أيضا أن تفكّروا، في هذه اللحظة، مع كلّ ما يحمل كلّ منّا في قلبه من خيبة أمل وانكسار، أن هناك إله قريب منّا، يدعونا باسمنا ويقول لنا: “قم، وكفّ عن البكاء، لأنني جئت لأحرّرك!”.
ترغب مريم المجدلية في معانقة ربّها، ولكنه الآن يتطلّع نحو الآب السماوي، بينما هي مرسلة لحمل البشرى للإخوة. وهكذا، أصبحت تلك المرأة، التي كانت تحت رحمة الشرّ قبل لقائها بيسوع (لو 8، 2)، رسولة الرجاء الجديد والأكبر. لتساعدنا شفاعتها على أن نحيا نحن أيضا هذه التجربة: أن نسمع، في ساعة البكاء والفراق، صوت يسوع القائم من بين الأموات يدعونا باسمنا، وأن نذهب، بقلوب يغمرها الفرح، لنعلن: “لقد رأيت الربّ! “(آية 18). لقد غيّرت حياتي لأنّي رأيت الربّ! إنّي الآن مختلف عن السابق، إنّي شخص آخر. لقد تغيّرت لأنّي رأيت الربّ. هذه هي قوّتنا وهذا هو رجاؤنا"
Comments