"الأرثوذكسية " هي كلمةٌ قديمة جدًا تعني التمجيد القويم أيّ استقامة الرأي وبالتالي هو الإيمان السليم، من هنا إيمان آباؤنا القدّيسون الذي تسلّموه من الرسل، والمسلّم بحد ذاته من الرّب يسوع نفسه، والمستمر بالكنيسة مدى الأجيال بالروح القدس، تُرجم صلوات وتراتيل ومواعظ واناشيد، تعبّر كلّها عن الإيمان الذي هو التسليم الشريف، وهذا التسليم يجمع بالتساوي الكتاب المقدّس والليتورجيا وتعاليم الأباء القدّيسون.
هو الأحد الأول من الصوم نعيّد فيه تذكار تعليق ورفع الأيقونات المقدّسة بعد حقبة طويلة من السنين عُرفت بحرب الأيقونات وذلك في القرنين الثامن والتاسع ميلادي.
استمرت حرب الأيقونات 120عاماً, حيث دُمّرت وحُرقت الكثير من الأيقونات وسُفكت فيها دماء عديدة من الرهبان والمؤمنين الذين دافعوا بشراسة عن لاهوت الأيقونة وارتباطها بسر التجسّد. أسباب عديدة ومختلفة أدّت إلى هذا الإضطهاد الدموي، منها من داخل الكنيسة نفسها، ومنها عوامل خارجيّة محيطة ومعتقدات اخرى مختلفة ومضادة، لكنهّا كلّها سببها واحد وهو: رفض تجسّد المسيح أيّ رفض أن يكون الله أصبح إنسانًا، وبالتالي ضرب مشروع الخلاص كلّه بعرض الحائط. وهذا طبعًا شيطاني.
انقسمت هذه الحرب إلى مرحلتين رئيسيتين:
1- المرحلة الاولى: بدأت في العام 726م وإمتدت إلى العام 787م، وذلك عندما هاجم الإمبراطور ليون الثالث الأيقونات ومنعها وأحرق واتلف وكسّر منها كلّ ما طالته يداه أي أيدي عسكره الذي كان ينفّذ أوامره الصارمة، كما إضطهد لدرجة القتل كلّ من خالف قراراته من المسيحيين. إنتهت المرحلة الاولى في ظل حكم الإمبراطورة إيريني. كما إنعقد على أثر هذه الاحداث المجمع المسكوني السابع عام 787م في نيقية والذي ضمً 357 أسقفًا. أقرّ هذا المجمع تكريم الأيقونات لإرتباطها بسر التجسّد.
2- المرحلة الثانية: إمتدّت هذه المرحلة من العام 813م لغاية العام 842م. بعد موت الإمبراطور ثيوفيل المحارب للأيقونات قامت الإمبراطورة ثيودورة بوقف هذا الإضطهاد الشنيع وكان هذا إنتصارًا ثانيًا.
* لماذا تصرّ الكنيسة على تخصيص أوّل أحد من آحاد الصوم للإيمان المستقيم؟
السبب أن عقيدتنا اذا كانت منحرفة فالإمساك عن الطعام لا ينفعنا شيئًا. الإيمان الصحيح والقويم هو بدء الحياة المسيحية وركنها واستمرارها.
تأسس هذا العيد عام 842م بعد هزيمة محاربة الأيقونات، وكان يُقرأ في هذا الأحد في الكنائس، مستند رسمي اسمه "السينوذيكون" الذي كان يحرّم كلّ الهراطقة بأسمائهم. واعتبر المسيحيين أن يجاهر الإنسان بعقيدته واجباً وحاجةً وشهادةً وصدقًا.
بماذا نحتفل؟ نحتفل في الأحد الأول من الصوم الكبير بعيد أرثوذكسيتنا، الّتي هي كنيسة الآباء والقدّيسين والشهداء والأبرار، فنحتفل بما تنبَّأ به الأنبياء وبالتعليم الذي استلمناه من الرسل وكتبه الآباء ووافقت عليه المسكونة الذي به بقيت مستقيمة الرأي وأظهرت الحقيقة المستلمة من الرب يسوع المسيح لكل العالم.
منقول عن موقع بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس
مؤرّخ الكرسي النطاكي: د. أسد رستم
Comments