يا لها من غبطة! ويا لها من دعوة مقدسة لكل نفس منا للدخول للفرح الدائم في الحضرة الالهية ...
ما أجمل ان نكون بين المدعويين الى الوليمة الالهية، تلك الوليمة التي أعدَّ لها الله منذ البدء، وتممها بإرسال روحه القدوس إلى الأحشاء البتوليّة ليتمّم التجسّد الإلهي بحلول الكلمة الإلهي فيها، مقدّمًا للبشريّة باسرها العريس الحقيقي، مشتهى كل نفس بشرية، راغبًا أن يجعل منا ملكوتًا سماويًا، يُقيم فيه عرسًا روحيًا وفرحًا سماويًا لا يقدر أحد أن ينزعه منا ...
حتى تكلفة الدعوة قدمها الابن بانه بذل حياته لأجلنا لمصالحتنا مع الآب السماوي، صاحب الدعوة، مقدّمًا لنا جسده ودمه المقدّسين طعامًا وشرابًا روحيًا لوليمة الملكوت الجديد...
ها ان كل شيء مُعَدٌ لدخولنا إلى الوليمة المقدّسة التي في جوهرها ارتفاعنا إلى الحياة العلوية، فقد أرسل لنا روحه القدّوس صارخا في كل نفس فينا ، ومنطلقًا في اعماقنا من خلال التوبة إلى الحضرة الإلهيّة ، ومرتفعًا فينا من مجدٍ إلى مجدٍ، ليدخل بنا إلى الهيكل الإلهي...
هلمّوا كلوا من طعامي واشربوا من الخمر التي مزجتها، اُتركوا الجاهلات فتحيوا وسيروا في طريق الفهم" (أم 9)
يا لشقاء النفس البشرية، التي من أجل بؤسها الداخلي ترفض الفرح السماوي ... لتعيش في غمٍ وحزن، في قلب مغلق لا يريد أن ينفتح للرب ...
أليست مسكينة هذه النفس التي تهاونت بالوليمة ..
فقد حرمت نفسها بسبب حبها لذاته وللأنا الذي اثْقل كاهلها فبقيت ملتصقة في حقل الدنيويات الفاني ... فلم تقدر أن تتبرّر ولم يتّسع قلبها فوق حدود الذات الانانية ...
قد حرمت نفسها من أجل مساومتها وتجارتها، فصار قلبها مركزًا للأعمال البشريّة لحساب مكاسب زمنيّة عِوض الأمجاد السماوية والأفراح الإلهيّة الدائمة...
قد حرمت نفسها من العرس بسبب حبّها للشر، فقابلت دعوة الخالق إلى الوليمة بالسب والشتم والقتل، بقلب شرّير دامس في بصيرة مظلمة ...
ان السيِّد فاتح ذراعي قلبه نحونا، ولا يُريد أن يغتصب قلوبنا بغير إرادتنا، إنّما يكتفي بتكرار الدعوة وإعلان فيض محبّته نحونا، مقدّمًا لنا وعوده الأبديّة، تاركًا لنا ملء الحرّية أن نقبله أو نرفضه ...
الله صاحب الدعوة ... والاختيار لنا ... فامدد يدك واختر ما تشاء ...
Comments