top of page
  • Writer's pictureالسيد ناصر شقور

القداسة

القداسة

نتسأل ما هي القداسة ولماذا نجد القديس مكرمًا ومحبوبا حتى بعد رقاده بأكثر من ألفين سنة. نرى الشباب والعائلات والكشافة يقومون باحتفالات رائعة، كل هذا لشخص واحد ومئات الكنائس تحتفل به كشفيع لها. إنّ هذا يذكرنا بالآية " أعزاء الله ارتفعوا في الأرض جدًا". فللقديس مجد على الأرض كحبيب المسيح. فلننظر لمعنى القداسة لأننا كلنا مدعوين أن نكون قديسين " كونوا قديسين كما أن أباكم السماوي قدوس"، أي إنه لا يوجد أحد غير مرشح للقداسة. فمن لحظة عمادنا اخذنا الروح القدس لنصير قديسين. فالله ينتظر ان نصير جميعنا قديسين. فعندما نصلي "ليأتِ ملكوتك" نقصد اجعلنا قديسين. وعندما نصلي "ليتقدس اسمك" نقصد اجعلنا قديسين. وعندما نصلي " لتكن مشيئتك" نقصد اجعلنا قديسين، لأن مشيئة الله هي أن يكون الكل قديسين.

القديس ببساطة هو شخص يعمل ما يريده الله منه. أمنا العذراء قديسة. لم يكن مطلوب منها أن تدور العالم وتبشر بل مطلوب منها ان تبقى في الناصرة تصلي وتحقظ الأمور في قلبها، وتحب الذين حولها. فهي قديسة لأنها نفذت إرادة الله. القديس جوارجيوس، هو قديس لأنه عاش الإيمان حتى استشهد. أي عمل المطلوب منه. أما بولس فيدور كل العالم ويبشر بالمسيح، فهو قديس لأنه عمل المطلوب منه. يوسف النجار يأخذ العذراء ويصعد بها الى بيت لحم. ثم يأخذها مع ابنها يسوع الى مصر ثم يرجع بهما الى الناصرة. إنه لم يعظ ولم يستشهد انما هو قديس لأنه نفّذ إرادة الله. لا يوجد للقداسة شكل واحد. القداسة هي أن تتمم قصد الله من حياتك. ربما تكون حياتك هادئة بدون خدمات كبيرة ولكنك عائش كما يريد الله.

فتكون بحالة قداسة الآن عندما تعمل ما يريد الله منك. ان تكون في الكنيسة وتحتفل بعيد القديس وتتناول جسد الرب. ولكن بعد الخروج من الكنيسة ماذا سيحصل؟ هل ستعمل أيضا بحسب إرادة الله ما يريده منك على باب الكنيسة؟ وعندما تصل الى بيتك ماذا سيحدث؟ هل ستنسى الصلاة حتى الأحد التالي؟ فعندها ستخرج عن القداسة.

القداسة هي في كل لحظة. فالنبي إيليا عندما أراده الله أن يصلي صلى، وكان الله حاضرا في حياته " حي هو الله الذي واقف أنا أمامه". وعندما أراده الله أن يأكل فقام وأكل أكثر من مرة. وعندما أراده ان يسير بتلك الأكلة أربعين يوماً فسار كما أمره الرب. عندما أراده أن ينام فنام. عندما أراده ان يتكلم تكلم في بداية حياته ووبخ الملك أحاب. وعندما أراده الله أن يواجه كهنة البعل واجه كهنة البعل. عندما أراده الله أن يسكت فصمت وترك بلاده وذهب الى الصرفند. ومرة ثانية أراده أن يختفي في سيناء ويأخذ خلوة فاختبأ في سينا. عندما أراده الله أن يقيم اليشع نبيًّا بعده. فأقام اليليا اليشع نبيًّا . فهو عظيم في القديسين والأنبياء. لأنه كان طائعا لإرادة الله في كل الحالات. وكأني به يردد الصلاة: "ليس لي رغبة أخرى يا إلهي سوى أن تتم ارادتك فيّ وفي جميع خلائقك"

ولقد تكلم قداسة البابا فرنسيس عن حاجتنا اليوم إلى قديسين قائلا

" نحن بحاجة إلى قدّيسين/ قدّيسات، يلبسون الجينز، والأحذية الرياضيّة.

نحن بحاجة إلى قدّيسين، يرتادون دور السينما، ويستمعون للموسيقى في كلّ مكان، ويتسكعون مع أصدقائهم.

نحن بحاجة إلى قدّيسين، يضعون الله محورًا لحياتهم، وصلاتهم أولويّة على اهتمامهم بنجاحاتهم المهنيّة وقلقهم حيالها.

نحن بحاجة إلى قدّيسين، يُفتِّشون في خضمّ انشغلاتهم اليوميّة عن فُسحة صلاة، ويعرفون كيف يختبرون الحبّ بطهارةٍ وعفّةٍ وجمال.

نحن بحاجة إلى قدّيسين، ملتزمين بمساعدة الفقراء، عازمين على تغيير وضع مجتمعاتهم الرازحة تحت نير الظلم واللاعدالة

نحن بحاجة إلى قدّيسين، يعيشون في العالم ومن أجلِ العالم، ليُقدّسوا العالم، لا يخافون البتّة من وجودهم في قلب العالم بل يسعدون بحضورهم فيه.

نحن بحاجة إلى قدّيسين، يشربون "الكوكا كولا"، ويأكلون الهوت دوغ، يُبحرون في عالم الانترنت، ولا يملّون من سماع الـ MP3

نحن بحاجة إلى قدّيسين، يُقبلون على سر الإفخارستيا ويشكرون الله على مفاعيله في حياتهم، ومع ذلك، لا يخجلون من مشاركة أصدقائهم البيتزا أو حتى الجعة.

نحن بحاجة إلى قدّيسين، يعشقون الأفلام، والرقص، والرياضة، والمسرح.

نحن بحاجة إلى قدّيسين، يجدون في انفتاحهم الاجتماعي أمرًا طبيعيّا، ويسعدون في صحبة رفاقهم.

نحن بحاجة إلى قدّيسين، في هذا العالم ةيعلمون كيف يبتهجون فرحًا بأفضلِ ما فيه من خيرات، دون أن ينساقوا في التَّيَّارات الدنيوية...."

بالإيمانِ برّرتَ الأجداد، وبهم خَطبتَ الكنيسةَ التي منَ الأممِ. فالقدّيسونَ يَفتَخِرونَ بالمجدِ، لأنّ مِن زَرْعِهم الثّمرةَ المجيدةَ التي وَلَدَتْكَ بلا زَرْعٍ. فبتَضَرُّعاتِهم. أيّها المسيحُ الإله، خلِّصْ نفُوسَنا.

16 views0 comments
bottom of page